رسائل من العالم الأخر {الجزء الاول}
عندما تأتيك الرسائل من العالم الأخر لتخبرك بأنك لن تعيش في سلام فما فعلته لم ينسى ، ولن يسمحوا لك بالعيش بالسلام ، فإن كنت تعتقد بأن الحياة تنتهي عند موت أحدهم فأنت مخطىء ولا تفهم شيء...

عندما تأتيك الرسائل من العالم الأخر لتخبرك بأنك لن تعيش في سلام فما فعلته لم ينسى ، ولن يسمحوا لك بالعيش بالسلام ، فإن كنت تعتقد بأن الحياة تنتهي عند موت أحدهم فأنت مخطىء ولا تفهم شيء ، فالموت لا يعنى النهاية بل هو البداية , اقدم لكم قصة رسائل من العالم الأخر من رواية رسائل من الجحيم .
اخذت تصرخ في وجه زوجها بغيظ قائلة : أين كنت يا ممدوح فالساعة تجاوزت الرابعة فجرا ؟
كنت بالعمل يا مريم وأنتي تعرفين ذلك فلا داعي للنكد ، والسؤال اليومي الممل , فانا اشعر بالسعادة اليوم ولا أريد أي نكد من فضلك .
عمل أي عمل هذا وفي هذا الوقت ورائحة الخمور من فمك ، هل عدت إلى الشرب من جديد ؟
ألا تملين السؤال يا مريم لماذا تصرين على النكد أيتها المرأة الغبية فانا لم أتزوجك لكي تنكدين على حياتي ، وتجعلينها جحيم.
أنا غبية يا ممدوح وان كنت أنا غبية فماذا تكون أنت إذا ، وأنت تضيع أموالك وصحتك على الشراب والخمور.
نعم غبية ولا تفهمين فانا أقول لكي بأنني سعيد اليوم ولا أريد مشاكل ، وأنتي غبية تلحين في السؤال
ولا تتركينني وشأني كل يوم نكد ، فأنتي لا تطاقين يا مريم وتستحقين ما سيحدث لكي ، وبعدها أخذ حزام بنطالة وانهال ضرب على جسدها ، وأخذت هي تصرخ بألم ، تستغيث بأن ينقذها أحدهم ولكن ما من مجيب فلقد كان القصر التي تعيش فيها في مكان مهجور بعيدا عن العمران ولم يستطع احد العاملين بالمنزل التدخل , فلقد اعتادوا الأمر يوميا كما ، اعتادت سيدة القصر الضرب والصراخ يوميا . فما الجديد في الأمر ليتدخلوا وهنا انتشرت رائحة عطر الياسمين المميزة لتملا الغرفة ، فهل فقدت الزوجة عقلها لتضع العطر لزوجها بعد أن ضربها من يدري فكل شيء جائز وممكن أن يحدث ؟
صرخت مريم وظلت تصرخ بألم وهي تتذكر ، ما عانت في الثلاث سنوات الأخيرة وكأن هناك لعنة تطاردها ، فهل دعا عليها احدهم ، فهذا ثاني زواج لها بعد وفاة زوجها حسان الأول وما عانته معه ، فلماذا يحدث لها ذلك يا ترى وأي ذنب ارتكبته ، لتطاردها تلك اللعنة ، وهنا انتهى الزوج من مهمته وكأنه لم يخلق إلا من اجل تحقيقها .
وهي ضرب زوجته بقسوة حتى تورم جسدها وتساقطت الدماء ، من أماكن كثيرة ، ولكنها لم تكن تشعر بأي شيء من حولها ،وكأنها فقدت حاسة الإحساس ، والشعور بالألم فلقد كانت غارقة في ذكرياتها ، وفي حسان زوجها الأول ، وكيف اتهموها بقتله وما عانته في الثلاث سنوات الأخيرة . وعادت بذاكرتها إلى الوراء لتتذكر …
أمام احدي الشقق بأحد البنايات الحديثة وقف رجال الشرطة بملابسهم الرسمية ، ينظرون إلى تلك المرأة ضئيلة الحجم بفضول وتسأل محقق الشرطة بصوت فذ :
أنتي مريم السيد حسين زوجة المدعو حسان بكري البنهاوي ؟
وهنا نظرت لهم بعيون مذعورة خائفة لا تدري ماذا يريدون منها ، ولماذا يتجمعون حول شقتها بملابسهم السوداء ، لماذا لا يرحموها ويتركوها بما هي فيه ، فهي لم تفعل شيء , فردت بتوتر:
نعم أنا هي مريم السيد ... ماذا تريدون مني ؟ فأنا لم افعل شيئا ؟
أين حسان زوجك ؟
وهنا تساقطت العبرات على وجهها وهي ترد :
لا اعرف , فهو مختفي منذ أربعة أشهر ولا اعلم عنه شيئا
وهل أبلغت الشرطة باختفائه ؟
لا … لم افعل ... وهنا قاطعها بسخرية :
لماذا ألا ترين بأنه أمر مثير للشك ، يختفي زوجك منذ أربعة أشهر ؟
ولا تتكلمين وهنا نظرت له بعيون مذعورة قائله :
لأنه لم يختفي هنا بالقاهرة بل ببنها ... ولقد أبلغت أخوته ليبلغوا الشرطة ، وقالوا أنهم حرروا محضر اختفاء ببنها.
ولماذا لم تحرري أنتي محضر بالاختفاء في القاهرة ؟
لقد حاولت ان افعل يا سيدي صدقني , ولكنهم في قسم الشرطة رفضوا تحرير المحضر
واخبروني بأنة يجب تحرير المحضر في بنها حيث اختفى وهذا هو الروتين والقانون فماذا كنت سأفعل ؟
أنتي متهمة يا مدام مريم بقتل زوجك حسان .
وهنا صرخت بفزع :
لا …
زوجي لم يحضر لقد منعه أشقائة يومها . وأجبروني على الرحيل ، بمفردي صدقني فانا لم افعل شيء
وهنا تدخل احدهم بجلبابه الأبيض ، وشاربه الكثيف ، إنه حارس المبنى ”سيد“ قائلا :
نعم يا سيدي لقد أتت مدام مريم يومها بمفردها في الشاحنة ، ولم يحضر زوجها وكل من كان حاضراً يشهدون على ذلك .
ومتى أخر مرة شاهدت فيها المدعو حسان يا سيد ،
قبل اختفائه بأسبوع يا فندم وقال لي بأنه سيسافر بنها ، ليحضر المفروشات من شقته هناك وسيعود قريبا ، ولكنه لم يعد وعادت زوجته بمفردها ، وهنا قالت مريم بحزن بعد أن تذكرت شيئا هاما:
لقد أرسل لي زوجي حواله بريدية بمبلغ من المال بعدها بيوم ، من مكتب بريد بنها ثم بعدها اختفى ولا اعرف عنه شيئا ، ومن يومها وأنا أعاني فلقد تخلى الجميع عني ولم يساعدني احد ، ولا اعرف أين اختفى وماذا حدث له ، وبعدها انفجرت في البكاء ، وهنا نظر لها ضابط الشرطة بإشفاق فيبدوا بأن تلك السيدة ، عانت الكثير ولا تستطيع قتل دجاجة فهي هشة كقطعة ، ضعيفة كورقة مبتلة تستطيع فرمها بين أصابعك بكل سهولة ، نحيلة الجسد كخلة الأسنان وقصيرة , عيونها حزينة .
ويرتسم الألم على قسمات وجهها ويدها ترتعد بعنف وكأنها مصابة بمرض ، وجسدها يرتعش بفزع ، فهو متأكد بأن تلك المرأة لا يمكنها قتل زوجها ، بعد أن شاهد صورته وجسده القوي البدين ولكنه مضطر للقبض عليها لإكمال المحضر في قسم الشرطة ، فهذه هي الإجراءات للأسف
نعم سيخلون طرفها ويفرجون عنها فليس هناك أي شبهه جنائية حولها ، إلا اتهام أشقاء زوجها ولا توجد جثة لتأكيد التهمه وإثباتها ، فسيخلى طرفها ، هو يعلم ذلك ، ولكن لابد أن يكون الإفراج من قسم الشرطة هذا هو الروتين المتبع ، والذي دفعوا له الكثير من المال لتحقيقه وهنا اقتادها رجال الأمن إلى سيارة الشرطة ، وهي تبكي بانهيار قائله :
صدقوني انا لم افعل شيئا وزوجي لم يقتل ، وهنا تجمع الناس والجيران من حولها ينظرون لها بفضول ، وهم يحاولون الوصول إليها من بين جموع رجال الشرطة لرؤيتها ، وتصويرها ومشاهدة الجارة التي لم يمضي على سكنها في المبنى خمسة أشهر ، ولكنها ارتكبت جريمة قتل بشعة و قتلت زوجها الذي هو ضعف حجمها ، خمسة مرات ولكن الشرطة قالت بأنها قتلته ...
فلابد أن تكون قتلته حتى وان لم يجدوا الجثة بعد فهذه أمور ثانوية ، سيبحثون عنها لاحقا المهم الآن بأنهم القوا القبض على الجاني ، صعدت مريم سيارة الشرطة المكشوفة من الخلف كالمجرمين ، وهي تبكي بقهر تتذكر كل ما مر بها في الأربع شهور الماضية ، وما عانته من ألم ، لا تدري لماذا حدث لها كل هذا ، وأين زوجها ولماذا يتهمونها بقتله وهل مات حقا حسان زوجها ؟
يتبع ...